كل المشروبات السودانية المصنوعة من الدخن: التحضير والتعريف خطوة بخطوة

الدخن (الميلِت) من الحبوب الأساسية في المطبخ السوداني، وتدخل في صناعة العديد من المشروبات التقليدية المغذية. تعتبر مشروبات الدخن في السودان مصدراً هاماً للطاقة والدفء بسبب غناها بالكربوهيدرات والألياف والمعادن. هذه المشروبات تتميز بطعمٍ شهي وقوامٍ متنوع ما بين كثيف ودسم إلى خفيف ومنعش، وتُعَدّ من “المشروبات السودانية بالدخن” الشهيرة التي يحرص عليها الناس في مختلف المناطق.

أشهر مشروبات الدخن في السودان

من أشهر المشروبات التقليدية السودانية المصنوعة من الدخن:

مديدة الدخن (مشروب ساخن كثيف).
عصير الدخن (أم جنقر) (مشروب بارد بالزبادي والتوابل).
القدو قدو (مشروب مُنكَّه بالدّقيق المخمّر).
مريسة (مشروب مخمَّر تقليدي، كحولي شائع جنوب السودان).

مديدة الدخن

الطعم والقوام: لذيذة وشهية ذات قوام كثيف ودسم يشبه العصيدة. تُحضّر عادةً بالحليب والسكر، فتكون حلوة المذاق وغنيّة بطعم الذرة أو الخميرة.
اللون والرائحة: لونها كريمي ذهبي باهت بسبب الحليب والدخن. تنتشر منها رائحة دافئة للشعير أو العطورة (الكَرْبون الصودا) وزيت السمن.
طريقة التحضير التقليدية: تُخلط كمية من دقيق الدخن مع قليل من الماء والزيت لتكوين عجينة متماسكة، ثم تُطهى مع الحليب (أو الماء) على نار هادئة مع إضافة السكر والملح. بعد الغليان يُضاف السمن ويُستمر التقليب حتى يتجانس المزيج ويُصبح ثخيناً.
المناسبات: يُفضَّل تناولها في الشتاء والأجواء الباردة لمنح الدفء والطاقة، كما تُقدم أحياناً في وجبات النفاس بعد الولادة لتمدّ المرأة بالقوة.
الفوائد: يعد شرب المديدة وقوداً رائعاً للجسم، فالدخن نفسه غني بالكربوهيدرات والألياف والفيتامينات والمعادن. وبهذا تساهم مديدة الدخن في تعزيز القلب وخفض الضغط نظراً لغناها بالمغنيسيوم، وتحسّن الهضم بفضل الألياف التي تخفض الكوليسترول، فيُعتبر هذا المشروب دسمًا صحيًا يثري النظام الغذائي.

عصير الدخن (أم جنقر)

الطعم والقوام: منعش وهش، يميل إلى المذاق الحامض-الحلو بفضل الليمون والسكر. قوامه خفيف إلى متوسط (أكثر سمكاً من الماء لكنه أقل كثافة من المديدة).
اللون والرائحة: عادة ما يكون لونه أبيض أو كريمي فاتح. تفوح منه رائحة البهارات العطرية (زنجبيل، حبهان، قرفة) والروب (اللبن الزبادي).
طريقة التحضير التقليدية: يُنقع الدخن المقشور في الماء لساعات، ثم يُجفف ويُقسَّم إلى قسمين. يُطبخ نصف الكمية على النار حتى ينضج، بينما يُطحن النصف الآخر (بعد إزالة النخالة). ثم يُخلط المسحوق مع اللبن الرائب وعصير الليمون والبهارات، ويُطهى المزيج برفق حتى يُثخن قليلاً ثم يُضاف السكر. بعض النكهات الإضافية مثل الطحينية أو الزبيب قد تُضاف لتحلية مختلفة.
المناسبات: مشروب مُنَعِّش الصيف والضيافة، إذ يقدّم بارداً مع الثلج. كما يتناوله البعض كـ”تصبيرة” خفيفة بعد الظهر أو مع العشاء الخفيف. يُروّج له أحياناً على أنه ”مشروب الطاقة” لأنه يمنح الجسم الحيوية والحلاوة الطبيعية.
الفوائد: هذه الوصفة تجمع بين فوائد الدخن والبروتينات من اللبن. كل كوب منها يغطي احتياجات الجسم من الكالسيوم والكربوهيدرات والفيتامينات. ويُذكر أن أهل السودان يرونه مثالياً لصيف حار لما يضفيه من برودة مع الثلج.

القدو قدو

الطعم والقوام: مشروب فريد غني بالنكهات، يجمع بين حلاوة السكر (أو العسل) وحموضة اللبن الزبادي مع الطعم الدخني الخفيف. قوامه يميل إلى الكثافة (مثل المخفوق الثقيل)، ويكتسب قواماً كريميًا من اللبن.
اللون والرائحة: يأخذ لوناً ذهبيًا مائلًا للبنّي (بسبب اللبن والسكر الأسود أحياناً) ورائحة عطرية بهريّة من السمسم (الطحينة) والتوابل.
طريقة التحضير التقليدية: يصنع من عجينة دقيق الدخن المخمرة (أو مطهوة مسبقاً) ممزوجة مع اللبن الزبادي أو الروب، ويضاف إليها الطحينة، العسل أو السكر، ومعجون الهريسة (التمر الهندي) في بعض الوصفات، ثم يُخفق الجميع جيداً. النتيجة مشروب مُخمّر برائحة قوية ونكهة غنية.
المناسبات: يقدم في بعض المناسبات الخاصة والاحتفالات كنوع من الحلويات السائلة؛ ويشتهر في مناطق غرب السودان بكونه ”عشاء دسمة” أو ضيافة تعبر عن السخاء والجمال.

مريسة (مشروب مخمّر)

الطعم والقوام: مسكر قليلًا وحمضي خفيف، من نوع المشروبات الكحولية المخمَّرة (يشبه طعم البيرة المخمرة). قوامه سائل ولكنه أقل صفاءً، قد يحتوي أحياناً على رواسب دهنية أو طافية.
اللون والرائحة: يميل إلى اللون البني المائل إلى الأحمر. تفوح منه رائحة خميرة وشبت خفيفة.
طريقة التحضير التقليدية: يصنع عبر تخمير خليطٍ من التمر والدخن (والذرة الرفيعة أحياناً) مع قليل من الصلصة أو مضادات التخمير الطبيعية، ليتحول إلى شراب مُخمّر بعد 8-10 ساعات. العملية معقدة يشبه صناعة الجعة.
المناسبات: يُستهلك في جنوب السودان وبعض المجتمعات التقليدية كمشروب احتفالي في الأعراس والمناسبات. يُشار إلى أن شربه في شمال السودان ممنوع قانونياً، لكن في الجنوب يُُحتفى به بين النساء كتراث ثقافي يوفر بعض السعرات والدفء.

الفوائد الصحية والغذائية لمشروبات الدخن

حبوب الدخن (الميلِت) معروفة بفوائدها الصحية العديدة، والعديد منها تنتقل إلى المشروبات المصنوعة منها. فهي تُعدُّ غذاءً كاملاً؛ إذ تحتوي على نسبة عالية من الألياف والبروتين والفيتامينات والمعادن. من فوائد تناول مشروبات الدخن:

تعزيز صحة القلب: الدخن غني بالمغنيسيوم والأملاح المعدنية الضرورية لخفض ضغط الدم، مما يقلل خطر الإصابة بالسكتات والنوبات القلبية.
ضبط نسبة السكر: يُعتبر مناسباً لمرضى السكري لأنه يحتوي على ألياف ومغنيسيوم يساعد في تحسين حساسية الأنسولين والسيطرة على الغلوكوز.
خفض الكوليسترول: الألياف الوفيرة في الدخن تساعد على خفض نسب الكوليسترول الضار، مما يدعم الدورة الدموية وصحة القلب.
تحسين الهضم: يساعد في الوقاية من الإمساك والانتفاخ بفضل كمية الألياف العالية به.
خالٍ من الغلوتين: مناسب لمن يعانون حساسية الغلوتين (مثل السيلياك)، لأنه بديل آمن للقمح.

كل هذه الفوائد تجعل من مشروبات الدخن السودانية خياريّن صحيّين مُميّزين؛ فهي ليست لذيذة ومغذية فحسب، بل تُسهم أيضاً في تلبية حاجات الجسم من العناصر الغذائية بلمسة تقليدية أصيلة.