أشهر المشروبات السودانية التقليدية وفوائدها
تتميز المشروبات السودانية التقليدية بتنوعها وثقافتها العريقة؛ وغالبًا ما ترتبط بموسم الصوم والمناسبات الاجتماعية. تشير تقارير مثل سكاي نيوز عربية إلى أن «المائدة السودانية غنية بالمشروبات المحلية» مثل العرديب والكركدي والقونقليز وغيرها. ويلجأ اختصاصيو التغذية إلى التوصية بها للصائمين لأنها غالبًا خالية من المواد الحافظة وغنية بالفيتامينات الضرورية. ومن أشهر هذه المشروبات: الآبري (الحلو مر)، الآبري الأبيض، القونقليز، العرديب (التمر هندي)، الكركدي، والشربوت في عيد الأضحى، بالإضافة إلى الشاي السوداني بالتوابل.
1. الحلو مر (الأبري - نسبة لمنطقة قرّي)
![]() |
1. الحلو مر (الأبري - نسبة لمنطقة قرّي) |
يُعَدُّ الحلو مر المعروف أيضًا باسم الأبري (الحلو مُر) من أبرز المشروبات السودانية الرمضانية التقليدية . يصنع من حبوب الذرة النابتة التي تختمر مع مجموعة من البهارات مثل الشمار والزيتون والكمون والحبهان. يحتاج هذا الخليط المميز لكميات كبيرة من السكر للوصول إلى الطعم المُعتاد. يقدم الحلو مر بارداً عادةً، وهو مشروب منعش يقضي على العطش ويمد الجسم بالطاقة والنشويات.
-
طريقة التحضير:
-
نقع الذرة ورشها بالماء: توضع حبوب الذرة على قماش (خيش) وتُرش بالماء لعدة أيام حتى تنبت (مسمَّى محلياً «الزريعة»).
-
طحن وخلط المكونات: تُطحن الذرة النابتة وتُخلط مع بهارات مثل الشمار والزنجبيل والقرفة والكمون وتُترك لتتخمر لعدة أيام.
-
إعداد «الطرقات»: يُعجن الخليط المطهو على الصاج على شكل رقائق رقيقة (تسمى طرقات)، ثم تُجفف هذه الرقائق وتُحفظ لاستخدامها لاحقاً.
-
تحضير المشروب: تُسكب الطرقات الجافة في الماء بعد كسْرها أو ضغطها، ثم يُصفَّى السائل ويُحلى بالسكر حسب الرغبة. يُقدَّم العصير بارداً ليطفئ العطش.
-
2. الآبري الأبيض
![]() |
2. الآبري الأبيض |
يشبه الآبري الأبيض شقيقه الحلو مر في كونه مشروباً رمضانيًا سودانيًا تقليدياً، ولكن بألوان فاتحة. يُصنع من دقيق الذرة البيضاء المضاف إليه النشا والبهارات (الحبهان والكمون والزنجبيل). بعد تخمير هذا الخليط، يُطهى على الصاج على هيئة رقائق رقيقة جدًا بيضاء اللون. الفرق في التحضير: تُنقع هذه الرقائق البيضاء في الماء المحلى بالسكر ولا يُصفَّى السائل قبل التقديم؛ فيصبح المشروب شبيهًا بالوجبة؛ إذ تُؤكل معها رقائق «الأبري» الرقيقة. يوفر الآبري الأبيض كمية جيدة من النشويات والطاقة للصائمين كونه يحتوي على دقيق الذرة المخمرة، ويشتهر بتناوله في ليالي رمضان.
3. القونقليز (عصير التبلدي)
![]() |
3. القونقليز (عصير التبلدي) |
القونقليز هو الاسم الشعبي في السودان لعصير ثمار شجرة التبلدي (أو الباوباب). تنضج هذه الثمار التي لها قشرة سميكة ولب داخلي أبيض ناعم. تتكون طريقة التحضير من كسر ثمرة التبلدي واستخراج اللب البودري الداخلي، ثم نقع هذا اللب في الماء حتى يذوب (يحتوي على نسبة عالية من فيتامين سي وحوامض سهلة الذوبان). بعد ذلك يُصفى السائل ويُحلى بالسكر أو يُضاف إليه الحليب أحيانًا. يقدم عصير القونقليز بارداً ليكون مشروبًا منعشًا يُروّي العطش.
يُعتقد أن للعصير فوائد صحية هامة؛ فهو غني بفيتامين سي ومضادات أكسدة طبيعية. وقد أظهرت دراسة حديثة أن مركبات ثمار التبلدي تعمل كمادة مضادة للكوليسترول، ولذلك ينصح بعض الأطباء بمداومة تناوله بانتظام. ثمة اعتقاد شعبي قديم بأن شرب عصير القونقليز بعد الوجبات الدسمة يساعد على تخليص الدم من الدهون الزائدة.
-
طريقة التحضير:
-
تحضير اللب: يكسر قشر ثمرة التبلدي ويُستخرج اللب الداخلي الأبيض المطحون المجفف.
-
النقع: يُنقع اللب في الماء (بارد أو ساخن) مع التقليب حتى يذوب تمامًا.
-
التصفية والتحلية: يُصفى المزيج ويُضاف السكر حسب الذوق، وقد يُضاف قليل من الحليب. يقدم العصير بارداً.
-
-
الموسم المناسب: يستفاد من القونقليز طوال العام، وخصوصاً في أشهر الحرّ كعصير منعش ومفيد، ويُعدُّ ضروريًا في أي مائدة رمضانية سودانية.
4. العرديب (تمر هندي)
![]() |
4. العرديب (تمر هندي) |
العرديب هو نبات التمر الهندي الذي ينتشر زراعته في غرب السودان، وله ثمار عناقيد سوداء أو بنية اللون. يُستخلص منه عصير لاذع بطعم حامض خفيف. في السودان يُعتبر العرديب من المشروبات الشعبية القديمة، ويرتبط استهلاكه بعلاج بعض الأمراض مثل خفض الحرارة وعلاج حالات الإمساك الخفيف. ويُعرف عن العرديب خصائصه المليّنة ومضادته للحموضة؛ إذ «يحارب العطش، ويستخدم كملين ومضاد للحموضة وخافض للحرارة».
-
طريقة التحضير:
-
نقع الثمار: تُنقع ثمار العرديب (تغلى حبات التمر الهندي في الماء) في كمية مناسبة من الماء البارد أو الساخن حتى تنتشر نكهتها.
-
العصر والتصفية: بعد النضوج، تعصر الثمار بالخلاط أو باليد ثم يُصفى السائل لإزالة الألياف والبذور.
-
التحلية وضبط الطعم: يُضاف السكر ويُحرَّك المزيج لضبط حموضته حسب الذوق. يقدم عصير العرديب بارداً، وهو مشروب ملطف ومبرِد، خاصة في الصيف.
-
5. الكركدي (عصير كركديه)
![]() |
5. الكركدي (عصير كركديه) |
الكركدي (الذي يطلق عليه أحياناً اسم الكركديه) هو مشروب زهرة الكركديه الحمراء التي تنمو في معظم مناطق السودان، خصوصاً إقليم كردفان. يُشرب السودانيون هذا المشروب ساخناً كالشاي طوال العام، كما يُنقع ليُحلى ويُقدم بارداً خاصّة في رمضان كمنعش الصيف. للكركدي فوائد صحية ملحوظة؛ فهو غني بفيتامين ج ومضادات الأكسدة، ما يجعله مضاداً طبيعياً للالتهابات ويساعد على مقاومة نزلات البرد والإنفلونزا. كما يستخدم مضافاً إليه الزنجبيل أو الحبة الحلوة لمقاومة أعراض البرد، ويساعد على خفض ضغط الدم لدى الكثيرين.
-
طريقة التحضير:
-
غلي الزهور: يُغلى الماء وتُضاف إليه زهور الكركديه المجففة، ويُترك المزيج ليغلي لمدة 5 دقائق.
-
النقع والتصفية: يُرفع الإناء عن النار ويُترك ليُنقع لبضع دقائق إضافية، ثم يُصفى السائل المصفى من الزهور.
-
التحلية والتقديم: يُضاف السكر حسب الذوق ويُحرّك جيدًا. يمكن تقديمه ساخناً أو بارداً، وغالباً ما يُشرب بارداً في رمضان.
-
6. الشربوت (مشروب العيد)
![]() |
6. الشربوت (مشروب العيد) |
الشربوت هو مشروب سوداني شعبي تقليدي مرتبط بعيد الأضحى، يُعرف أحيانًا بأنه مشروب النوبية أو المريسة في بعض المناطق. تعد هذا المشروب منذ مئات السنين، ويُقدم بعد تناول لحم الأضحية لتسهيل الهضم. له طقوس خاصة في الإفطار الرمضاني والجلسات العائلية الكبيرة. يُشتهر الشربوت بنكهات التمر المعتقة والتوابل.
-
طريقة التحضير:
-
المكونات: يعتمد الشربوت على البلح (التمر) المنزوع النوى ومجموعة من البهارات المحلية (القرفة، الهيل، الخميرة، الحلبة).
-
الطهي: يُنظف البلح ويُغلى في قدر كبير دون إضافة سكر مع التوابل المذكورة، ويُحرك الخليط حتى يتحول لونه إلى البني الفاتح.
-
التخمير: بعد الغلي، يُترك المزيج ليختمر لمدة لا تقل عن 12 ساعة، حيث تتفاعل مكوناته ليكتسب نكهة مميزة. يُمكن تركه لعدة أيام حسب الرغبة.
-
التقديم: يقدم الشربوت بارداً، وغالبًا ما يُضاف إليه القليل من مشروب الصودا (سبرايت أو سفن أب) لمزيد من الانتعاش. يقدم في أيام العيد للضيوف والأقارب كرمز للضيافة وراحة الهضم بعد اللحم.
-
-
الموسم المناسب: يرتبط الشربوت ارتباطًا وثيقًا بعيد الأضحى، ولذلك يعد مشروب الصيف والفرحة في المجتمع السوداني.
7. الشاي السوداني بالتوابل
![]() |
7. الشاي السوداني بالتوابل |
يُعدُّ الشاي السوداني (يُطلق عليه أحيانًا الشاي السوداني التقليدي أو الشاي بالهيل) من أساسيات الضيافة اليومية في السودان. يتميز بإضافة البهارات مثل الهيل والنعناع والقرفة إلى الشاي الأسود، مما يضفي عليه نكهة مميزة وطيبًا في الجلسات العائلية. غالبًا ما يغلى الماء مع كمية كبيرة من السكر، ثم تُضاف أوراق الشاي وتُترك على نار هادئة لينضج. في مرحلة التقديم، يُسكب الشاي في فناجين صغيرة ويُضاف إليه الهيل أو القرفة حسب الذوق. يُعتبر الشاي السوداني مصدرًا بسيطًا للطاقة (مثل أي شاي أسود)، ويلعب دورًا ثقافيًا واجتماعيًا كبيرًا في تقاليد الضيافة.
-
طريقة التحضير:
-
الغلي: يُغلى الماء مع كمية سكر كبيرة، ثم تُضاف أوراق الشاي السوداني (منزوعة الكافيين أو كاملة) ويُترك المزيج على النار حتى يتخمّر.
-
الإضافة: بعد ذلك يُُضاف إلى الشاي المنكه بهيل أو قرفة أو نكهات خفيفة أخرى.
-
التقديم: يُسكب الشاي في فناجين ضيقة ويسكَب من ارتفاع بسيط لزيادة رغوة السطح. يقدم ساخناً في الصباح والمساء ومع الضيوف، نظراً لأهميته في التراث السوداني.
-
فصل الصيف والشتاء وأنسب مواسم الشرب
تختلف أنسب أوقات شرب هذه المشروبات حسب طبيعتها: فمشروبات مثل الكركدي، العرديب، القونقليز، وآبري الحلو مر تكثر في الصيف وفي رمضان على وجه الخصوص كمرطبات تروي العطش، بينما يستخدم الكركدي أيضاً ساخناً في الشتاء لمقاومة البرد. أما الشربوت فيرتبط بموسم عيد الأضحى (يأتي أحيانًا في فصل الصيف)، ويوصي به لكبار السن بعد تناول اللحم. وبشكل عام، تظل كل هذه المشروبات متوفرة على مدار العام في السودان، حسب الموسم والمحصول، وتعكس التناغم بين حاجة الجسم (للترطيب أو للتدفئة) وبين التقاليد الغذائية للسودانيين.
تجسد هذه المشروبات الشعبية السودانية تراثاً غذائياً غنياً وطقوساً ثقافية موروثة عبر الأجيال. فهي ليست مجرد مشروبات تروي العطش، بل تُعدُّ رمزاً للتواصل الاجتماعي والضيافة؛ إذ يحرص السودانيون على تقديمها في المناسبات والاحتفالات لنشر العبق الثقافي المحلي. في ظل الاهتمام المتزايد بالصحة والمنتجات الطبيعية، تزداد قيمة هذه المشروبات القديمة بوصفها مصادرًا غذائية وآمنة. إن تسليط الضوء على تلك المشروبات التقليدية وطرقها العريقة يساهم في التوعية بالتراث الثقافي السوداني ويعزز مكانتها على الويب وفي نتائج البحث، كما يدفع إلى الحفاظ عليها للأجيال المقبلة.